عالم الطبيعة

بالنسبة للكثيرين، قد تبدو صحراء المملكة العربية السعودية خالية من الحيوانات. ولكن المظاهر قد تكون خادعة، لأن هناك في الحقيقة تنوعاً في الحياة في الصحراء أكثر بكثير مما تتوقع. فالكثير من الثدييات في البلاد تكيّفت مع المناخ الحار والجاف عن طريق نمط العيش الليلي، لذلك فهي نادراً ما تُشاهد في النهار. وعادة ما تخرج الحيوانات العاشبة من مخابئها لترعى النباتات المتناثرة عند الفجر وعند الغسق، متجنبة بذلك الساعات التي تسطع فيها الشمس بقوة. كما تكيّفت الحيوانات مع نقص المياه المتاحة عن طريق إعادة تدوير السوائل، حيث تستهلك الندى على النباتات أو السوائل في أجسام فرائسها.

هناك تنوّع كبير في أنواع الطيور الموجودة في المملكة العربية السعودية نتيجة لموقعها على مفترق طرق الهجرة. وخلال العقود القليلة الماضية، زادت أنواع الطيور التي تُعشِّش في المملكة وتُهاجر إليها نتيجة لزيادة الحدائق والمتنزهات والمُجمّعات المَرويّة والمزروعة جيداً، إذ تم تسجيل 499 نوعاً من الطيور في المملكة ومنها ما لا يقل عن 401 موجودة بشكل منتظم إلى جانب 11 نوعاً نادراً وبينما تم تسجيل 87 نوعاً في أقل من 10 مناسبات، موزّعة على البيئات الطبيعية المتنوّعة من صحاري وجبال وشواطئ على الساحلين الشرقي والغربي، ومياه الصرف الصحي المعالجة، والمناطق الزراعية، والمرتفعات الجنوبية الغربية. رغم الجفاف الكبير الذي تشهده منطقة الربع الخالي الذي ينجم عنه قلة أنواع الطيور الموجودة فيها، هناك نحو 145 نوعاً من الطيور (أغلبها مهاجرة عابرة) ويمكن العثور عليها في المنطقة طوال العام، حيث يتواجد 401 طائر من الأنواع الأصيلة أو المهاجرة في رحاب المملكة العربية السعودية.

هناك مئات من الفصائل النباتية التي تنمو في المملكة العربية السعودية رغم البيئة الصعبة. وتوجد نباتات مُعمّرة على مدار السنة مع أن أعدادها وأوراقها تقل في الصيف الحار والجاف إلى درجة انغماس بعض النباتات داخل التربة.

توجد الزواحف بكثرة في الصحاري في جميع أنحاء العالم. وتضم صحراء المملكة العربية السعودية 76 نوعاً من السحالي الأرضية و41 نوعاً من الثعابين الأرضية والمائية و5 أنواع من السلاحف البحرية. السحالي هي الأكثر مشاهدة. والوزغة المنزلية هي النوع الوحيد من الوزغ الذي يوجد حصرياً بالقرب من مساكن البشر، بينما تعيش أنواع أخرى في مناطق الكثبان الرملية أو المناطق الصخرية وتنشط غالباً في الليل. أما السحالي التي تنتمي إلى فصيلتي العجميد أو السقنقورية، فهي تُشاهد غالباً أثناء بحثها عن الطعام أو التعرّض لأشعة الشمس في النهار.

تم تعداد أكثر من 800 نوع من الأزهار البريّة في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، ولا يُرى معظمها إلا في فصل الربيع (بشكل أساسي من يناير إلى مارس) أو بعد هطول الأمطار الغزيرة في الخريف والشتاء. فبعد الشهور الرطبة، تتفجّر رمال الصحراء والجبال الصخرية والسهول الحصوية بشجيرات مُورقة ومساحات خضراء وتتفتّح الأزهار وتنمو الفواكه. ويُمكن أن يستمر هطول الأمطار بجبال عسير في تغذية النباتات المُعمّرة بالمناطق المحيطة لفترة طويلة بعد سقوط المطر.

تُعدّ صحراء المملكة العربية السعودية وجبالها موطناً لعدة أنواع من مفصليات الأرجل وما زالت بحاجة إلى الكثير من الدراسات حيث أن المعلومات المتوفرة عنها محدودة. وتضم شعبة مفصليات الأرجل مجموعة الحشريات ومجموعة العناكب ومجموعة العقارب ومجموعة العناكب الجملية (شبث) ومجموعة الحلم والقراديات ومجموعة عديدة الأرجل.

تتنوّع الحياة البحرية في مياه المملكة العربية السعودية بكثرة نتيجة للمياه الدافئة الضحلة في الخليج العربي التي توفّر الغذاء لأنواع قوية من المرجان المُتكيّفة مع الملوحة الشديدة والتغيّرات المفاجئة في درجات الحرارة. ترعى أبقار البحر أو حيوانات الأطوم على أعشاب البحر حول الجزر، وتأتي السلاحف البحرية إلى الشاطئ لوضع بيضها. تعدّ مياه البحر الأحمر الأعمق والأكثر برودة موطناً لمجموعة متنوّعة من الحيوانات البحرية بدءاً من الحيتان والدلافين إلى أسماك القرش المطرقة والأفاعي البحرية، ومجموعة بديعة من الأسماك التي لا يوجد مثيل لها في أي مكان آخر بالعالم. كما تتحوّل الصحراء في العديد من الأماكن إلى شاطئ مليء بالأصداف وتلال السلطعون.

أدت التكوينات الجيولوجية والمناخ في المملكة العربية السعودية إلى وجود مناطق متنوّعة يسهل الوصول إليها، فضلاً عن تكوينات وبراكين وفوّهات وجبال غنية بالمعادن وكهوف ووديان رائعة. ويُمكن تقسيم المملكة إلى منطقتين رئيسيتين هما الدرع العربي والرف العربي. كان الجزء الأقدم، الدرع العربي، جزءاً من القارة الأفريقية قبل حدوث صدع أدى لنشوء البحر الأحمر بينهما قبل 35 مليون سنة. كما يتكوّن من صخور نارية ومُتحوّلة مثل البازلت والجابرو والجرانيت والصخر الزيتي والشست والرخام. أما الرف العربي الأحدث عهداً، فتُغطّيه رواسب من الحجر الرملي والحجر الجيري وكميات هائلة من الرمال.

في المملكة العربية السعودية عدد كبير من الأشجار رغم بيئتها الصحراوية الجافة. تنتشر هذه الأشجار على مساحات شاسعة ولكنها في بعض الأحيان تنمو بالقرب من بعضها البعض وتُشكّل غابات صغيرة. قد تبدو النباتات في بيئات المملكة القاسية جافة وميّتة في بعض الأحيان ولكن الطبيعة طوّرت طرقاً عديدة للحفاظ على الحياة في المناخات الجافة والحارة جداً. وبدءاً من الجذور الطويلة إلى الأساليب المبتكرة لنشر البذور والعلاقات التكافلية أو الطفيلية، يُمكن للنباتات أن تزدهر بدعم من الأنواع الأخرى. كما تمتلك النباتات الصحراوية الكثير من الآليات الرائعة للعثور على المياه والمواد المُغذّية والاحتفاظ بها.